إسلاميات

من يباح لهم الفطر في رمضان ويجب عليه الكفارة والقضاء

مع اقتراب موعد حلول شهر رمضان المبارك، يرغب الكثير من المسلمين في معرفة من يباح لهم الفطر في رمضان، فهذا من أهم الأسئلة التي يحتاج الناس لمعرفة إجابة واضحة وصريحة لها، حول هذا الشهر الكريم، فالصيام ليس مجرد عبادة، بل منحة ربانية تشحن القلوب بالخير والسعادة، فليس من السهل أبداً على مسلم قد اعتاد فعلها أن يتخلى عنها مهما كان الأمر، ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، ويصبح من الصعب في بعض الأحوال على المرء أن يقوم بها، فقد يكون الامتناع عن الصوم فرضاً وضرورة في بعض الأحيان، لمنع الضرر، وإليكم معلومات أكثر عن الحالات التي يباح للمسلم فيها الفطر في نهار رمضان بالأدلة الشرعية، والحالات التي يلزمه فيها القضاء أو الكفارة، فتابعوا:

اقرأ أيضاً أفضل الأعمال في رمضان

من يباح لهم الفطر في رمضان

هناك بعض الحالات التي يباح للمسلم فيها عدم الصيام في شهر رمضان، وإليك أهم المعلومات المتعلقة بهذه الحالات بشيء من التفصيل، فتابع لتعرف أكثر:

1-المريض

يعتبر المريض الذي يسبب له الصوم أي مضاعفات أو خطورة، هو أفضل إجابة لكل من يسأل عن من يباح لهم الفطر في رمضان، فقد أحل الفطر للمريض في حالة وجود مشقة في الصيام بسبب مرضه، أو وجود خطورة على صحته وحياته، فهذا هو رأي جمهور الفقهاء من الحنابلة والمالكية، والحنفية، وقد استدلوا على ذلك، بقول الحق تبارك وتعالى في الآية رقم 185 من سورة البقرة:

﴿ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾.

حيث يرى جمهور الفقهاء من الشافعية والمالكية والحنابلة والحنفية، أن ترك المريض للصيام أمرٌ واجب، إذا شكل عليه أي ضرر، أو خطورة، واستدلوا على ذلك بقول الحق تبارك وتعالى في الآية ال29 من سورة النساء: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾.

وأيضاً قوله تعالى في الآية 195 من سورة البقرة: ﴿وَلَا تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التهلكة﴾.

حيث تدل هاتين الآيتين الكريمتين على تحريم فعل الإنسان لأي شيء يضر بحياته، أو يعرضه للهلاك.

أما في حالة المرض البسيط الذي لا يؤثر فيه الصيام، أو يسبب خطورة أو تهديداً على حياة الشخص، مثل آلام الضرس، أو الصداع وأدوار البرد والأنفلونزا، فيحرم على المسلم الإفطار في مثل هذه الحالات، فهذا ما  قد اتفق عليه جمهور الفقهاء، لأن الحكمة من الفطور في حالة المرض هي منع الضرر.

2-المسافر

يعد المسافر من أهم من يباح لهم الفطر في رمضان، فقد اتفق جمهور الفقهاء من الشافعية والمالكية، والحنابلة والحنفية على ذلك، ومن الأدلة التي تؤكد ذلك، قول الحق سبحانه وتعالى في الآية رقم 184 من سورة البقرة:﴿فَمَن كَانَ مِنكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾.

كما أن هناك دليلاً آخر من السنة النبوية، فقد ورد عن أنسِ بنِ مالكٍ الكعبيِّ رَضِيَ اللهُ عنه أنه قال: 

((أتيتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في إبلٍ كانت لي أُخِذَتْ، فوافَقْتُه وهو يأكُلُ، فدعاني إلى طعامِه، فقُلتُ: إنِّي صائِمٌ، فقال: اُدْنُ أُخبِرْك عن ذلك، إنَّ اللهَ وضَعَ عَن المُسافرِ الصَّومَ، وشَطْرَ الصَّلاةِ)).

3-الحائض والنفساء

فصوم المرأة محرم في فترة النفاس والحيض بإجماع من فقهاء المسلمين، ولا يوجد خلاف في ذلك، فلا يقبل الله تعالى صيامهما، حتى وإن كان غير معلن، والدليل على ذلك حديث رسولنا الكريم، صلى الله عليه وسلم عن نقصان دين المرأة: ﴿ إذا حاضت لم تصل ولم تصم، قلن: بلى، قال: فذلك من نقصان ﴾.. متفق عليه.

بالإضافة إلى ما قد ذكره النووي في المجموع، حيث قال:

﴿فأجمعت الأمة على تحريم الصوم على الحائض والنفساء وعلى أنه لا يصح صومها﴾.

وأيضاً ما ذكره ابن قدامة في كتاب المغني حيث قال:

﴿ أهل العلم على أن الحائض والنفساء لا يحل لهما الصوم، وأنهما يفطران رمضان، ويقضيان، وأنهما إذا صامتا لم يجزئهما الصوم ﴾.

4-المسن والعجوز

يعد العجوز المسن هو من أهم  من يباح لهم الفطر في رمضان، فالشيخ المسن والمرأة العجوز كبيرة السن، هم أولى الناس بذلك، بسبب ما يحدث له الصيام من مشقة وتعب، فقد اتفق جمهور علماء المسلمين على ذلك، واستدلوا بما ورد في الآية رقم 184 من سورة البقرة، حيث قال الله تعالى: ﴿ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مسكين﴾

كما ورد في الآثار عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أنه قد ذكر: (أنَّه لَمَّا كَبِرَ حتى كان لا يُطيقُ الصِّيامَ، فكان يُفطِرُ ويُطعِمُ)

5-الحامل والمرضع

اتفق فقهاء المسلمين من الحنابلة والشافعية والمالكية والحنفية على جواز إفطار رمضان للمرأة في فترة الحمل والرضاعة، وذلك في حالة الخوف على جنينها أو طفلها أو نفسها الضرر، فهم من أهم من يباح لهم الفطر في رمضان، والدليل على ذلك ما ذكره أنس بن مالك، رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّ اللهَ تعالى وضَعَ عَنِ المُسافِرِ شَطرَ الصَّلاةِ، وعن الحامِلِ والمُرضِعِ الصَّومَ- أو الصِّيامَ)).

6-الإرهاق الشديد بسبب الجوع والعطش

فقد يتسبب الجوع والعطش لبعض الناس في إرهاق وتعب شديد يؤدي إلى الهلاك، فإن هذه الفئة من أهم من يباح لهم الفطر في رمضان، حيث يتوجب ترك الصيام في حالة خشية المرء الهلاك على نفسه، وهذا هو رأي جمهور الفقهاء من الشافعية والمالكية، وقد استدلوا على ذلك بقول الله تعالى، في الآية 195 من سورة البقرة: ﴿ ولا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾.

وأيضاً قوله تعالى في الآية رقم 29 من سورة النساء: ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴾.

ويقاس الحكم الشرعي في هذه الحالة، على حكم المريض.

7-المجاهد في سبيل الله

يعد المجاهد في سبيل الله تعالى، من أهم من يباح لهم الفطر في رمضان، وذلك في حالات الضرورة، فقد اتفق فقهاء المسلمين من الحنابلة والشافعية والمالكية والحنفية على ذلك، وقد استدلوا على صحة قولهم من السنة النبوية، بما قد ورد عن أبي سعيدٍ رَضِيَ اللهُ عنه أنه قال: 

((سافَرْنا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى مكَّةَ ونحن صِيامٌ، قال فنَزَلْنا منزلًا، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنَّكم قد دَنَوتُم مِن عَدُوِّكم، والفِطرُ أقوى لكم، فكانت رخصةً، فمِنَّا من صامَ ومِنَّا من أفطَرَ، ثم نَزَلْنا منزلًا آخَرَ، فقال: إنَّكم مُصَبِّحو عَدُوِّكم والفِطرُ أقوى لكم، فأفطِرُوا، فكانت عَزمةً، فأفطَرْنَا، ثم لقَد رأيتُنا نصومُ بعد ذلك مع رَسولِ اللهِ صَلَّى الله عليه وآلِه وسَلَّمَ في السَّفَرِ)).

وإليك فيديو يوضح من يباح لهم الفطر في رمضان

من يباح لهم الفطر في رمضان ويجب عليهم القضاء

بعد أن عرفنا سوياً عزيزي إجابة سؤالك الهام، وهو من يباح لهم الفطر في رمضان، اسمح لنا الآن أن نعرف سوياً، متى يجب قضاء تلك الأيام، فهناك بعض الحالات التي يلزم فيها المسلم قضاء أيام أخرى بعد رمضان، عوضاً عن الأيام التي أفطرها، وأخرى لا يلزمه فبها قضاء، ويتوجب عليه كفارة بدلاً منها، فتابع:

1-الحائض والنفساء

حيث يتوجب على من أفطرت في نهار رمضان بسبب الحيض أو النفاس، قضاء هذه الأيام بعد رمضان، والدليل على ذلك ما ورد عن البخاري ومسلم، أن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: 

 “كانت إحدانا تحيض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة”.

وأيضاً ما قاله ابن عبد البر في التمهيد:

﴿ وهذا إجماع أن الحائض لا تصوم في أيام حيضتها وتقضي الصوم ولا تقضي الصلاة لا خلاف في شيء من ذلك والحمد لله، وما أجمع المسلمون عليه فهو الحق والخبر القاطع للعذر، وقال الله عز وجل: وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا. والمؤمنون هنا الإجماع ﴾.

2-المريض

فلإفطار المريض في رمضان قسمان، الأول هو الإصابة بمرض يمكن شفاؤه، وهنا يلزم قضاء أيام الإفطار بعد الشفاء، والدليل على ذلك، قول الحق تبارك وتعالى، في الآية رقم 184 من سورة البقرة: ﴿ فمن كَانَ مِنكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾

فالمراد من قوله تعالى أيام أخر، أن صيام هذه الأيام وقضائها بعد انتهاء شهر رمضان أمر واجب، ويحرم تركه.

وقد أجمع على ذلك ابنُ حجرٍ الهيتميُّ وابنُ حَزمٍ، وابنُ قُدامةَ، وابنُ رُشدٍ.

أما القسم الثاني فهو المريض بمرض لا يتوقع شفاؤه، كالإصابة بمرض مزمن، فلا يلزمه قضاء في هذه الحالة، لعدم انتهاء سبب ترك الصيام، ولكن يلزمه كفارة، بأن يطعم عن كل يوم أفطره مسكيناً واحداً، فهذا هو رأي المذاهب الفقهية الأربعة، وقد استدلوا على ذلك بقول الله تعالى، في الآية رقم 184 في سورة البقرة: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ﴾.

وجدير بالذكر أن الشيخ محمد بن عثيمين، قد أفتى بأنه إذا كتب الله تعالى الشفاء لمريض، من مرض لا يتوقع علاجه، فليس عليه قضاء تلك الأيام التي قد أفطر فيها، فقد انتهى الأمر بالإطعام والكفارة.

3-الحامل والمرضع

إذا أفطرت المرأة الحامل أو المرضع فإن عليها قضاء هذه الأيام في جميع الحالات، ولا خلاف على ذلك بين العلماء، فقد اتفق أصحاب المذاهب الفقهية الأربعة، الحنفية والشافعية والحنبلية والمالكية على ذلك.

كما اتفق جمهور العلماء على وجوب القضاء فقط عليها، إذا كان سبب إفطارها خوفها على نفسها فقط، أوعلى نفسها وجنينها، وقد استدلوا على ذلك بالحديث الذي قد ورد لنا عن أنس بن مالك، رضي الله تعالى عنه، أنه قال: 

قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّ اللهَ تبارك وتعالى وضَع عن المُسافِر شَطرَ الصَّلاةِ، وعن الحامِلِ والمرضِعِ الصَّومَ أو الصِّيامَ )).

فقد قرن رسولنا الكريم في هذا الحديث حال الحامل والمرأة المرضع، بحال المسافر، لذا ينطبق عليهما نفس الحكم، لذا لا تطالب الحامل والمرضع إلا بالقضاء، تماماً مثل المسافر، فهو لا يتوجب عليه سوى قضاء ما قد أفطر من أيام.

بالإضافة إلى قياس حكم المرأة الحامل والمرضع بحكم المريض الذي يخشى على  نفسه الهلاك، فقد يسبب الصيام ضرراً على المرأة الحامل وجنينها، وهذا عذر واضح يبيح الفطر، كعذر المرض أو السفر.

ولكنهم قد اختلفوا في أمر واحد، وهو وجوب فدية أيضاً، في حالة إفطارها خوفاً على جنينها فقط، حيث يرى العلماء الشافعية والحنابلة، وجوب فدية على المرأة في هذه الحالة بجانب القضاء، أما الحنفية والمالكية، فيرون عدم وجوب فدية، 

ووجوب القضاء فقط.

فإذا أفطَرَتِ الحامِلُ أو المرضِعُ خوفًا على ولدَيهِما؛ فعليهما القضاءُ، ولا فِديةَ عليهما، وهو مذهبُ الحنفيَّةِ، وقَولُ طائفةٍ مِنَ السَّلَفِ، واختاره ابنُ المُنذِر وابنُ باز وابنُ عُثيمين، وقد عللوا ذلك باتصال الجنين بجسد الأم، وكأنه أحد أعضائه، لذا يأخذ حكم الخوف على أي عضو في الجسم.

4-العجوز أو الكبير

أما الشيخ الكبير المسن والمرأة العجوز، فلا قضاء عليهما، لعدم زوال السبب، لأن الصيام شاق عليهما في جميع الأوقات، وإنما يلزمهما كفارة، إطعام مسكين عن كل يوم أفطرا فيه، لأن الصيام فريضة وأمر واجب، لذا أبيح الكفارة عنه، مثلما أبيح القضاء، فقد أجمع على ذلك جمهور الفقهاء، من الشافعية والحنابلة، والحنفية، وقد استدلوا على ذلك ما ورد عن ابن عباس أنه قال:  

«ليسَتْ بمنسوخةٍ، هو الشَّيخُ الكبيرُ، والمرأةُ الكبيرةُ لا يستطيعانِ أن يصوما، فيُطعِمانِ مكانَ كُلِّ يومٍ مِسكينًا».

وهنا نكون قد وصلنا أعزائي إلى ختام هذا المقال، بعد أن تعرفنا سوياً على إجابة سؤالكم الهام، وهو من يباح لهم الفطر في رمضان، وبالطبع قد عرضنا لكم جميع الحالات، التي يباح فيها للمسلم ترك الصيام، كما عرضنا لكم أيضاً الحالات التي يجب فيها القضاء، أو الفدية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى