تعريف القرآن الكريم | معنى القرآن في اللغة واصطلاحاً

نزول القرآن:

كانت الجزيرة العربيّة قبل مبعث الرسول الكريم محمد عليه افضل الصلاة والسلام- تمرّ بفترة من أسوأ فترات الظلام، ظلام
الجهل، وظلام الشرك، وظلام الطغيان، وقهر القوي للضعيف، والعبادة السائدة آنذاك هي عبادة الأصنام، أصنام بُنيت من
الحجارة ومن الأخشاب، بل كانوا يصنعونها أحياناً من التمر فيعبدونها ويصلون لها ويتعلقون بها لاعتقادهم أنها تنفع وتضر، ثم إذا
جاع أحدهم أخذ يتناول ويأكل هذا الرب المزعوم.

وفي ظل هذه الظروف كان ذلك الشاب الصادق الأمين يختلي في مكان منفردٍ في
منطقة مرتفعة في جبال مكة المكرمة، يجلس وحيداً متفكراً في الليل والنجوم وعظيم هذا الخلق، وفي إحدى المرات بينما
هو على هذا الحال وإذا بشيء يُمسك به بقوة، ويشدّه إليه، ويقول له: اقرأ، فيرد خائفاً: ما أنا بقارئ، ثم يشده ثانية ويقول له
اقرأ، فيجيب بخوف شديد: ما أنا بقارئ، وفي الثالثة يقول: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ*خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ*اقْرَأْ وَرَبُّكَ
الْأَكْرَمُ*الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ*عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) فكانت هذه الليلة بداية نزول القرآن، وبعثة رسالة الإسلام والسلام، رسالة العلم والمعرفة، رسالة محاربة الظلم والظلام والجهل والكفر والشرك، وكل ما يقضي على عقل الإنسان.

تعريف القرآن الكريم لغة:

تعريف القران الكريم: بالرُّجوعِ إلى معاجِمِ اللغة والتَّفاسيرِ التي تهتمُّ تعريف القران، تبين أن هناك قولين:

الأوَّل: أن القرآن اسمُ عَلَمٍ على كتابِ الله ليس مشتقًّا، والثاني:
أنه مشتقٌّ من فعلٍ مَهْموز؛ وهو: “قرأ، اقرأ”، ويَعْني: تفهَّم، تفقَّه، تدبَّر، تعلَّم، تتبَّع، وقيل :
َّك، تعبَّد، تنسق: “اقرأ”: تحمَّل؛ فالعربُ تقول:
( ما قرأَتْ هذه النَّاقَةُ في بطنها سَلًا قَطُّ؛ أي: ما حمَلَت جنينًا قط“لسان العرب”؛ فالمعنى:
تحمَّل هذا القرآنَ؛ بقَرِينةِ قولِه تعالى:
﴿  إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا  ﴾[المزمل: 5]، واستعنْ على تحمُّلِ القول إنَّقيل بقيامِ الليلِ﴿ قُمِ اللَّيْلَ  ﴾[المزمل: 2]؛ وهو ما
أُمِرَ به في أَوَّل السُّورة (ولَقد حُمِّل اليهودُ التَّوراةَ فلم يحملوها..
وقيل: مِنَ القَرْءِ، وهو الجَمْعُ والضَّمُّ… وقيل: من فعل غيرِ مهموزٍ ( بدون همزة )، وهو “قرَن”؛ من قرنْتُ الشَّيءَ بالشيءِ،
وهو
القِرانُ، وقيل: من القِرى ( بكسرِ القاف )، وهو الضِِّّيُ والكرم أوِ الإكْرام؛ ففي حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال : (( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفت بهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده ))؛ رواه مسلم (2699)، وعن عَبْدِاللهِ بنِ مسْعودٍ قال: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ هَذَا القُرْآنَ مَأْدُبَةُ اللهِ، فَتَعَلَّمُوا مِنْ مَأْدُبَتِهِ مَا اسْتَطَعْتُمْ ))؛ ( ذكرَه ابنُ كَثيرٍ في فضائلِ القرآن، والبَيْهقيُّ في شُعَب الإيمان )، فيقال: مأدُبةٌ بضمِّي الدالِ وفتحِها منَ الأدبِ؛ قال القُرطبيُّ: ( وتأويلُ الحديثِ أنهَ مثَلٌ؛ شبَّه القرآن بصَنِيعٍ صنعه الله عز وجل للنَّاسِ، له الخيرُ والمنافع، ثم دعاهم؛ ​​يُقال: مأدُبة ومأدَبة؛ فمن قال: مأدُبة، الصَّنيعَ يصنعه الإنسان فيدعو الناس، قال ومن قال شبابه يذْهبُ به إلى الأدب، يجعله مَفْعَلةً منَ الأدب ).

تعريف القران الكريم اصطلاحًا:

تعريف القران الكريم هو كلامُ اللهِ تعالى المُنزَّل على نبيه مُحمَّدٍ صلى الله عليه وسلم،
المُعْجِز بلفْظه ومعناه، المُتعبَّدُ بتلاوته، المنقول إلينا بالتواتر، المكتوب في المصاحف من أَوَّلِ سورة الفاتحة إلى آخِرِ سورة
الناس”.
وهو التعريف المختار.

شرح تعريف القرآن الكريم

كلام الله أي خرجنا عن أي كلام آخر أو أي متكلم آخر سواءً إن كان إنسا أم غيره، المُنَزَّل
على نبيه محمد:
خرجنا بذلك عن الأحاديث القدسية أو أي كلام استأثر به لنفسه كما خرجنا بذكر النبي – صلى الله عليه
وسلم- عن كل الكتب السماوية الأخرى التي نزلت على باقي أنبياء الله عليهم السلام.

المُعجِز أو المعجَز بلفظه: أي في حد ذاته هو معجزة من الله لنبيه إلى يوم القيامة يُتلى.
كما أنه مُعجِزٌ للكافرين من قريش
فقد تحدى الله وأعجز فصاحتهم بأن يأتوا بمثله إلى أنهم لم يقدروا على ذلك فوصفوه بالشعر البليغ.
كما أن معانيه مُعجَزة
وتصويراته غاية في البلاغة والسهولة والكمال فهو تنزيل الحكيم الخبير.

المُتَعبَّد بتلاوته: يعني تلاوة القرآن الكريم لها ثواب خاص ومأجور من يقرأه، فهي كما قال النبي الصادق كل حرف بحسنة
والحسنة بعشر حسنات، كما قال تعالى في محكم تنزيله (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً
وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ… لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ).

المنقول إلينا بالتواتر : أي الواصل إلينا عن طريق التواتر وهي إحدى الطرق الموصلة للمعلومات التاريخية وغيرها لنقل الأخبار،
فالقرآن إنما وصل إلينا في هذا الزمن بتواتر ألفاظه وآياته ونقلها من جيلٍ إلى جيل.

هذا هو العنصر البند المخصص

أما تعريفه عند جمهور علماء أهل السنة فهو متفق مجملا مع التعريف العام الذي ذكرناه، ولكن بتفاصيل
إضافية لتنزيه كلام الله، وهو مشمول على:

القرآن الكريم هو كلام الله لا كلام غيره وهو غير مخلوق وأن القرآن من الله نزل وإليه يعود في آخر الزمان أي في البعث،
وأن
من اعتقد أو قال بأنه مخلوق فهو كافر ومخالف لمضمون كتاب الله وكلامه، وأن جبريل سمعه من الله ثم نزل به وسمع به
محمد منه ثم سمعته الصحابة من محمد إلى أن تواتروه إلى زماننا، وهو بلسان عربي مبين كما قال تعالى.

تعريف القرآن الكريم تعريفا جامعا مانعا

كلام لله وهو نور مبين وهو يقين، فيه شفاءٌ للمؤمنين وهو هدىً للعالمين إن اتّبعوه واهتدوا بهديه، وهو
منهاج الصالحين ونور لدربهم وهو الحبل المتين الذي فلح واهتدى من تمسك به، فيه أخبار الصالحين والأولين والأنبياء المرسلين، ومن عصى ما هو مصيره ومن اهتدى من ما هو ثوابه، وفيه قصة لبيان الأصل الآدمي الراجع إلى آدم عليه السلام، كما أن فيه آيات الله وإعجازاته في خلقه وفي كونه، وفيه بيان شامل لأحكام الشريعة من حلال وحرام وغيره، كما أن تحتوي آياته على بيان كيفية الثواب والعقاب في الحياة الأخرة إما نار أو إلى جنة كاملة فاخرة.

كما أن به من الإعجازات اللغوية التي تأسست الكتب والسلاسل العربية واللغوية لشرح إعجازاته وألفاظه.
كما أن به من الإعجازات العلمية التي تم اكتشافها حديثا في العلم الحديث من علوم للفلك والطب والتشريح وغير ذلك الكثير الذي أُلِّف فيه الكتب وسطرت فيه الصحف.

تعريف القرآن الكريم للأطفال

من المهم جدا قبل أن تطلب من أطفالك تعلُّم القرآن وقبل أن تباشر بتحفيظهم، هو أن تُنشأ في عقولهم صورة كاملة صحيحة عن القرآن بشكل مبسّطٍ تستوعبه أدمغتهم وذلك يكون بتعريف سهل يسير يفهموه ويحبوا دراسة القرآن من بعده، وأن تكون قدوة عملية لهم بقراءته يوميا وكثيرا أمامهم وهكذا.

ومن الممكن تعريف القرآن الكريم لأطفالك بأن: القرآن الكريم هو كلام الله خالقنا أرسله مع المَلَك جبريل-عليه السلام- إلى رسولنا محمد -صلى الله عليه وسلم- ليكون دستورا ونظاما نسير عليه كمسلمين ويسير عليه العالم كما أنه يحتوي العديد من إعجازات الله في خلقه وكيف خُلقنا ونشأنا وفيه قصص كثيرة للأنبياء والأقوام السابقين لنتعلم من قصصهم ونعتبر منهم.

والأهم لنحفظ آياته ونطبقها في حياتنا وألا نحيد عنها، وأنه كريمٌ فمهما أعطيناه من وقتنا أعطانا هو بركة في كل حياتنا وأوقاتنا المتبقية ومهما أعطيناه من مجهود في الحفظ أعطانا هو بكرم الله قوة حفظ وتركيز وذكاء عالٍ.

القرآن المعجزة الخالدة:

والمعجزةُ فعلٌ من أفعالِ الله تعالى الخارقةِ، يُجْريه الله تعالى على يدِ مُدَّعٍ للنبوة حالَ دعواه تصديقًا لدعْوته؛ والقرآن الكريم هو المعجزةُ التي أيَّد الله تعالى بها نبيَّه، وتحدَّى به العربَ في مكةَ؛ تحداهم أن يأتوا بمثله: ﴿ قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ﴾  [الإسراء: 88]، وتحداهم بعشر سور: ﴿ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [هود: 13]، وتحداهم بسورة: ﴿ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [يونس: 38]، ثم كان التحدي “بسورة من مثله” في قوله تعالى:  ﴿ ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 23، 24]؛ كما تحدى أهل الكتاب في المدينة، ولا يزالُ التحدي قائمًا إلى يومِ الدين؛ لقوله تعالى: ﴿ وَلَنْ تَفْعَلُوا ﴾ [البقرة: 24].

Exit mobile version