مقالات متنوعة

تعرف على ماهو فضل العشرة الأوائل من ذي الحجة

المقدمة

“إن لربكم في أيام دهركم نفحات، فتعرضوا لها لعل أحدكم أن يصيبه منها نفحة لا يشقى بعدها أبداً”

يبين لنا هذا الحديث الشريف أن الله قد وهبنا من مواسم الخير ما نستطيع أن نستنهض به هممنا، وننفض عنا الفتور والكسل إقبالًا على الطاعات والعبادات، عسى أن ننال فيها رحمة الله عز وجل، وتنال أعمالنا ودعواتنا القبول والإجابة، فقد قال تعالى: “وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِين”

ومن الأعمال التي يستحب للمسلم فعلها في مثل هذه الأيام، الإكثارُ من ذكر الله تعالى، وكذلك من النوافل والأعمال الصالحة كالصدقات والصيام وغيرها.

ومن أعظم مواسم الخير، العشر الأوائل من شهر ذي الحجة، هذه الأيام قد فضلها الله عز وجل على سائر أيام العام، فقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: “ما من عمل أزكى عند الله عز وجل، ولا أعظم أجراً من خير يعمله في عشر الأضحى» قيل: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: «ولا الجهاد في سبيل الله عز وجل إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء»

ويدل هذا الحديث الشريف على الفضل العظيم الذي خصه الله تعالى لهذه الأيام، فالعمل فيها أعظم أجرًا من الجهاد في سبيل الله تبارك وتعالى.

وفيما يلي نتناول فضل العشر الأوائل من ذي الحجة بشيءٍ من التفصيل.

فضل العشرة من ذي الحجة :

1- أقسم الله تعالى في كتابه بهذه الأيام فقال “والفجر. وليالٍ عشر”وقد ذكر في تفسيرها أن المقصود بهذه الأيام هي العشر من الأوائل من ذي الحجة، وما أقسم الله عىل بشيءٍ إلا وكان ذلك خير دليلٍ على أهميته.

2- خصت تلك الأيام بكثر الذكر من تسبيحٍ وتحميد وتكبير، وذلك لما ورد في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم  “ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد”.

3- أن فيها يوم عرفة، اليوم الذي أتم الله على المسلمين نعمته وأكمل لهم دينهم، وهو يومً عظيم يكفر صيامه ذنوب عامين كاملين، ويجتمع فيه من الفضل والطاعات ما لا يجتمع لغيره.

ومن الأعمال التي يستحب تأديتها يوم عرفة خصيصًا:

  • صيام يوم عرفة لغير الحاج، فقد روى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال حين سئل عن صيام هذا اليوم “يكفر السنة الماضية والباقية”
  • كثرة التضرع له عز وجل، فخير يومٍ يدعو فيه المسلم ويناجي ربه بحوائجه هو يوم عرفة، وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: “خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير”
  • التكبير والتهليل، والإكثار من الذكر بشكلٍ عام.

4- ومن فضل هذه الأيام أيضًا أن فيها شعيرةً من أهم شعائر الإسلام وأعظمها، وهي شعيرة الحج، وكذلك شعيرة الأضحية.

والأضحية هي ما يذبح من الأنعام في أيام الأضحى بغرض التقرب إلى الله تبارك وتعالى، وقد اختلف العلماء في حكمها على أمرين.

  • ذهب فريقٌ أنها سنة مؤكدة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا قول جمهور العلماء، واستدلوا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظافره”

وقوله: “ثلاث هن علي فرائض ولكم تطوع: النحر والوتر وركعتا الضحى”

  •  والفريق الثاني على أنها واجبة، واستدلوا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من وجد سعة ولم يضح فلا يقربن مصلانا”

وقال أيضًا: ” يا أيها الناس إن على أهل كل بيت أضحية وعتيرة”

5- شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لتلك الأيام بأنها أفضل أيام الدنيا، وهي شهادة عظيمة ترفع مكانة تلك الأيام، وتؤكد فضلها وأهمية اغتنامها، فقد قال صلى الله عليه وسلم: “أنَّ أَفْضَلَ أَيَّامِ الدُّنْيَا الْعَشْرُ» – يعني عشر ذي الحجة -. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ وَلا مِثْلُهُنَّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: “وَلا مِثْلُهُنَّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلا مَنْ عَفَّرَ وَجْهَهُ فِي التُّرَابِ”.

6- أن أمهات العبادة تجتمع كلها في تلك الأيام ففي العشر الأوائل من ذي الحجة، توجد الصلاة والصيام والصدقة وكذلك الحج، وقد قال الحافظ بن حجر: والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك في غيره”.

7- أنها أيامٌ يضاعف فيها العمل، كما يستحب فيها للمسلم أن يجتهد في العبادات ويكثر من الصالحات، فالعمل الصالح في هذه الأيام أفضل وأعظم من العمل في غيرها.

ومن الأعمال التي يستحب للمسلم فعلها في تلك الأيام:

  • الابتعاد عن المعاصي

إن كثرة المعاصي تميت القلب، وتثبط العزيمة عن القيام بالفرائض والنوافل، لذلك أهم ما يتوجب على المسلم فعله في تلك الأيام المباركات هو ترك المعاصي والتوجه لله تعالى بقلبٍ صالح و التوبة الصادقة.

استقبال مثل هذه الأيام من مواسم الخير يحتاج لتوبةٍ نصوح، وعزيمة على ترك الذنوب وفعل الصالحات، وقال تعالى” وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ”

  • الإكثار من الطاعات والاجتهاد في العبادة:

وباب الطاعات واسع، يستطيع الإنسان أن يلتمس منه كل ما يقدر عليه في تلك الأيام، وذلك كـ إطعام الطعام، والسير بين حوائج الناس، والإكثار من الصدقات، الدعاء، والحرص على تلاوة القرآن، والصيام، والتهليل والتكبير.

وقد روي عن البخاري أن ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهما يخرجان إلى السوق في أيام العشر يُكبّران، ويكبر الناس بتكبيرها، وقال أيضُا: وكان عمر يُكبّر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيُكبّرون، ويُكبّر أهل الأسواق حتى ترتجّ منى تكبيراً.

وكان ابن عمر يُكبّر بمنى تلك الأيام وخلف الصلوات وعلى فراشه، وفي فسطاطه ومجلسه وممشاه تلك الأيام جميعاً.

لذلك احرص أخي المسم على استثمار تلك الأيام في كل عملٍ صالح تستطيع أن تقوم به، واغتنمها بجدٍّ وعزيمة، وتذكر ما روي عنه صلى الله عليه وسلم: “كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكرت له الأعمال فقال: «مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْعَشْرِ»، قالوا: يا رسولُ الله، الجهاد في سبيل الله؟ فأكبره. فقال: «وَلَا الْجِهَادُ إِلَّا أَنْ يَخْرُجَ رَجُلٌ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ تَكُونَ مُهْجَةُ نَفْسِهِ فِيهِ»

فالحديث يخبرك أن كل عملٍ صالح ستؤده في تلك الأيام المباركات، أحب إلى الله تعالى من نفسه إذا وقع في غيرها، وأن الأعمال الصالحة في تلك الأيام يتضاعف أجرها بأمر من الله تعالى دون استثناءٍ لعملٍ منها دون الآخر، وإذا شعرت بالشيطان ينال من عزيمتك، أعد على مسمعك قول الله تعالى: ” وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَع الْمُحْسِنِين” 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى