سلسلة كيف ؟

كيف تكون سعيداً في حياتك مع الله | حياة بلا قلق أو توتر

تُعد السعادة من أعظم النعم الشعورية التي ينعم بها الله عز وجل على عبده، فالإنسان دائماً ما يبحث عن السكينة والطمأنينة، وهناك العديد من الآيات القرآنية التي تشير إلى سعادة الإنسان في حياته مع الله، حيث قال تعالي: “مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً”، وهناك بعض الخطوات التي يجب أن يتبعها المسلم حتى يحيى حياة سعيدة، ولذلك سوف نتناول كيف تكون سعيداً في حياتك مع الله؟! 

اقرأ أيضاً ما معنى سبحان الله ومتى نقولها؟ | فضل قول سبحان الله

ماذا يعني أن تكون سعيداً

السعادة مفهوم معقد وغير محدد، فالسعادة نسبية تختلف من شخص لآخر، فما يمثل السعادة بالنسبة لشخص ما، قد لا يمثل نفس الشعور بالنسبة لشخص آخر، ودائماً ما يتساءل الإنسان عن ماذا يكون أن يكون سعيداً:

  • أن تكون سعيداً يعني أن تكون راضياً عن حياتك الرضا التام، فالسعادة تعبر على رضا الإنسان الدائم عن كل ما يقوم به في حياته، وليس أن يكون الرضا لحظي أو لفترة مؤقتة.
  • ذهب الكثير إلى أن الإنسان يكون سعيداً عندما يحب، فالحب يولد الإحساس بالرضا ومن ثم السعادة، فالعاطفة تولد المشاعر الإيجابية داخل نفس الإنسان، فالسعادة تكمن في تقدير الحب.
  • عندما يكون الإنسان محبوباً فإن يكون سعيداً، فالإنسان المقبول والمحبوب من الناس والبيئة المحيطة به، فإنه يحقق الرضا التام ومن ثم غاية السعادة التي يسعى لها.
  • يكون الإنسان سعيداً عندما يكون مفهوماً، دائماً ما يبحث الإنسان عمّن يفهمه ويقرأ دماغه وعندما يجد الإنسان ضالته، فإنه يشعر بالسعادة.

كيف أعيش حياة سعيدة مع الله

كيف أعيش حياة سعيدة مع الله

السعادة لا تعني أن يحصل المرء على المال أو يعيش حياة رفاهية، فالسعادة الحقيقية تكمن في سعادته مع الله عز وجل، فالسعادة ليست في الدنيا دار الفناء، بل السعادة الحقيقية تكمن في الفوز بالجنة والحصول على رضا الله عز وجل، حيث قوله تعالى: “فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَاز” آل عمران الآية 185، ويحقق الإنسان سعادته مع الله عز وجل من خلال:

1- الإكثار من ذكر الله عز وجل

إن ذكر الله عز وجل من أهم النعم التي ينعم بها سبحانه وتعالى على العبد في الدنيا، حيث يشعر المرء برضا قلبه عند ذكر الله، وقد قال تعالى: ” أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ” الرعد الآية 28، فذكر الله يزيل الهموم من القلب ويجعل الإنسان دائماً سعيداً ويفرج الكروب.

2- اتباع هُدى النبي “صلى الله عليه وسلم”

يحقق الإنسان سعادته في حياته مع الله عز وجل عن طريق إتباع الهدى والصراط المستقيم ويتم ذلك من خلال السير على خُطى النبي محمد “صلى الله عليه وسلم”، فالعبد تكمن سعادته عندما يتقي الله عز وجل ويعبده كأنه يراه.

3- الإيمان والعمل الصالح

يعتبر الإيمان والعمل الصالح من أهم مفاتيح تحقيق السعادة للإنسان في حياته، فأهل الإيمان ينعمون بالسكينة وراحة البال، لأنهم يدركون أن متاع الدنيا زائل وخير متاع هو متاع الآخرة، أما أهل الضلال فإنهم أشقاء وتعساء حتى لو وجدوا جميع أسباب ومفاتيح السعادة الدنيوية، وخير دليل على ذلك، قوله تعالى: قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى“.

4- الإحسان إلى الناس

تكمن سعادة الإنسان الحقيقة مع ربه من خلال إحسانه إلى الخلق عن طريق القول والفعل، فالإحسان لا يكمن في الأقوال فقط، بل يجب أن يُترجم ذلك إلى تصرفات تعكس هذه الأقوال، فالله عز وجل يعامل المرء وفق تعامله مع خلق الله، فالإنسان المحسن إلى العباد يجازيه الله بالخير والسعادة الدائمة، وقد قال تعالى: لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا“.

5- تحقيق النفع في الدنيا

يشغل الإنسان نفسه بالعلوم وما ينفع البشر ويزيح القلق والتوتر عن القلب، فكلما انشغل المرء بالنافع في الدنيا زال عنه همها وكربها، ولقد خصص الله عز وجل أجر عظيم لمن يسعى بنفع الناس في الدنيا سواء كان عن طريق عمل أو علم.

6- التفكير في الحاضر وترك الخوف من المستقبل

يحقق الإنسان سعادته من خلال حسن الظن بالله عز وجل فيما هو أتى في المستقبل، فالمستقبل أمر مجهول لا يعلمه إلا الله عز وجل، فعلى الإنسان أن يجتهد ويسعى الآن ويترك النتائج لله عز وجل، وقد قال الرسول “صلى الله عليه وسلم” في حديث نبوي شريف على أهمية الاجتهاد والسعي وترك حزن الماضي والتنبؤ بالخير في المستقبل، حيث قوله “صلى الله عليه وسلم”: المؤمِنُ القَوِيُّ خَيرٌ وأحَبُّ إلى اللهِ من المؤمِنِ الضَّعيفِ، وفي كُلٍّ خَيرٌ، احْرِصْ على ما يَنفَعُكَ، واسْتَعِنْ بِاللهِ ولا تَعجَزْ، وإنْ أصابَكَ شَيءٌ، فَلا تَقُلْ: لو أنِّي فَعلتُ كان كَذا وكَذا، ولَكِنْ قُلْ: قَدَّرَ اللهُ، وما شاءَ فَعَلَ، فإنَّ لو تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيطانِ”.

7- عدم مقارنة النفس بغيرها

يشقى الإنسان ويضل عندما يضع نفسه في مقارنة مع الباقية، فمن انشغل بالمقارنة حُرم من السعادة، ويجب على الإنسان ألا يقارن نفسه بمن هو أعلى أو أقل منه في العلم أو المال أو الصحة، فكلها أرزاق ينعم بها الله عز وجل على عباده ويوزعها بمقدار وحسب معين، ويجب على المرء أن يكون عبداً شكوراً يحمد الله عز وجل على النعم التي تحيط به فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [انْظُرُوا إِلَى مَنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ، وَلَا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ، فَهُوَ أَجْدَرُ أَنْ لَا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللهِ

8- التخلص من الأفكار السلبية

يجب على المرء أن يتخلص من الأفكار السلبية التي تضر بالنفس والقلب، حيث تجعله يستسلم للأوهام والأحزان وينشغل عن ذكر الله عز وجل، كما يجب على العبد أن يتوكل على الله في كافة أمور حياته، مما يجلب السعادة والسرور لنفسه.

كيف يعيش المسلم حياته

ثمة مجموعة من المعايير والمؤشرات الخاصة والتي من خلالها يستطيع الإنسان المسلم أن يعيش حياته بطريقة مُثلى وبشكل صحيح، حيث يمكنه أن يحقق ذلك من خلال:

  • يجب على الإنسان أن يشبع حاجته الروحية عن طريق تحقيق الإيمان وتطبيق الشريعة الإسلامية، حيث تتواجد متطلبات واحتياجات نفسية وروحية للإنسانية بجانب احتياجاته البدنية والمادية، ويتحقق الإشباع الروحاني عن طريق معرفة الله عز وجل معرفة صحيحة وحقيقية عن طريق تتبع فطرة الإنسان السليمة، وقد قال تعالي: ” فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ“.
  • يجب على الإنسان أن يسعى جاهداً لتحقيق خير الأعمال وأصلحها بالحياة الدنيا، ويكون ذلك طريق السعادة والخير له، فالعمل الصالح هو المبتغى الذي يريد المرء من خلال الفوز بنعيم الجنة وأن ينجو من النار، وتكمن صالح الأعمال في: عبادة الله عز وجل عبادة خالصة لوجه الكريم، مساعدة الناس والتصدق على الفقراء، قول الحق دائماً والبعد عن ظلم العباد.
  • ينصح بأن يحافظ المسلم على الجانب الإيجابي والمرح في حياته وأن يفصل بين الجد والهزل خاصة أثناء التعامل مع المشاكل والأمور الجدية والحاسمة في حياته، وأن يحافظ على ابتسامته حتى أثناء الضغط والتوتر، حيث يعطي ذلك دافع أقوى لتحدي الصعاب وتخطيها.
  • يجب أن يبتعد المسلم عن الحقد والكراهية وأن يضبط مشاعر الغضب لديه ولا يجعل العصبية تتمكن منه، فالمسلم الحق لا يغضب، فمشاعر الكراهية تنغص على الإنسان حياته وتجعله يفكر بسلبية دائماً، كما يجب على المسلم أن يمنح الآخرين فرصة عن طريق المسامحة والغفران.

اليقين بالله يصنع المعجزات

اليقين بالله يصنع المعجزات
  • إن اليقين وحسن الظن بالله يصنع المعجزات، فعندما يؤمن المسلم بأن قدر الله كله خير وأن للأمور حكمة يعلمها الله وحده عز وجل فإن الأشياء المستحيلة تتحقق ويتمكن الإنسان من تحقيق سبل السعادة والهناء في حياته.
  • كثرة الدعاء لله عز وجل واليقين بأنه لا مرد في دعاء المسلم وحتماً سيستجيب الله عز وجل من أهم الأمور التي يجب أن يتبعها المسلم في حياته، وخير مثال حكيم على ذلك قصة سيدنا زكريا “عليه السلام” فعندما بلغ الشيب رأسه والوهن عظمه وكانت امرأته عاقراً، فأنعم الله عز وجل عليه بذرية صالحة، لأنه ظل يدعو بيقين لله عز وجل.
  • تحفل سيرة النبي محمد “صلى الله عليه وسلم” بالعديد من قصص المعجزات، وكذلك مواقف كثيرة في حياة الصحابة “رضوان الله عليهم”، وخير دليل على أن اليقين بالله عز وجل يصنع المعجزات، قصة محاصرة الكفار لغار ثور أثناء هجرة النبي “صلى الله عليه وسلم” مع صديقه أبي بكر “رضى الله عنه”، وطمأنة الله عز وجل لقلوبهم، وأكد القرآن الكريم على هذا اليقين، حيث قوله تعالى: إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ“.
  • اليقين بالله يحقق النصر على الأعداء، فلقد نصر الله عز وجل وثبت أقدام المسلمين على الكفار في مواقع عدة على الرغم من قلة عددهم، فحسن الظن واليقين بالله هيئ جميع الظروف للعبد ويفتح الأبواب المغلقة من أجل نصرته.

كيف تكون سعيداً في حياتك مع الله

يكون الإنسان سعيداً في حياته مع الله عز وجل من خلال اتباع نهج معين، يتمثل في:

  • أن يكون المسلم حريصاً على أداء الصلاة في أوقاتها، فالصلاة هي عماد الدين وإذا صلحت يصلح العمل كله، فالصلاة هي الميثاق بين العبد وربه، ولها تأثير قوي في تحقيق السعادة في حياة المسلم وإزالة كروب وهموم الدنيا.
  • أن يتأمل المسلم في ملكوت خلق الله ويتدبر حكمته في الأشياء من حوله، وأن يتفكر في آياته عز وجل، مما يزيد المسلم إيماناً وتقرباً من الله عز وجل، ويعرف أن الله حق وأن رضا فوق رضا الخلق.
  • أن يستشعر المسلم معاني العزة من خلال التقرب إلى الله عز وجل بالقول والعمل، فالمسلم يعتز بربه وبدينه وبتتبع نهج نبيه المصطفى “صلى الله عليه وسلم” ومعرفة أخلاقه وصفاته، حينها يعني المسلم طريق السعادة في دنياه.

يمكننا الإطلاع على فيديو عن كيف تكون سعيداً في حياتك مع الله 

الخلاصة، لابد من أن يتخذ المسلم نهج ديني قائم على الشريعة الإسلامية، أي مستخلص من القرآن الكريم والسنة النبوية حتى يكون سعيداً في حياته مع الله عز وجل، فأسباب وطرق السعادة كثيرة ونسبية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى