إسلاميات

ما الفرق بين الزكاة والصدقة مستشهداً بالآيات والأحاديث والفرق بينهم

يخلط الكثير من الناس بين الزكاة والصدقة، دون إدراك الفروق الواضحة بينهما، ويزداد الجدل حول هذا الأمر بشكل خاص في شهر رمضان المبارك، بسبب وجوب إخراج زكاة الفطر خلال هذا الشهر الكريم على جميع المسلمين، ولكشف الخلط الواضح عند الناس بين هذين الأمرين، قام علماء المسلمين بتقديم إجابة تفصيلية لهذا السؤال الذي شغل أذهان الكثير من الناس، وهو ما الفرق بين الزكاة والصدقة، حتى يتسنى لهم التمييز بينهم دون خلط، كما سنبين لكم أيضاً الفرق بين زكاة المال وزكاة الفطر، ومن هم مستحقي الصدقة، وهل هي فرض أم سنة، وغيرها الكثير من الأسئلة المتعلقة بالزكاة والصدقة، سنبين لكم إجاباتها بشيء من التفصيل في السطور القادمة:

اقرأ أيضاً ماهي الصدقة الجارية وأنواعها | فوائد الصدقة الجارية وشروطها

ما الفرق بين الزكاة والصدقة

يتساءل الكثير من المسلمين ما الفرق بين الزكاة والصدقة، وقد قدم علماء المسلمين إجابة تفصيلية لهذه المسألة الدينية الهامة، كما قد بينوا أيضاً الفرق بين العديد من العطايا التي يمنحها الأفراد لبعضهم البعض، لذا سنقوم بعرض الفرق بين كلاً من الزكاة والصدقة والهدية والهبة والعطية، خلال السطور القادمة فتابع:

الزكاة

هي مقدار معين من المال أو الحبوب فرضه الله على عباده بمقدار معين، يستحقها الفقراء والمساكين والعاملون عليها وغيرهم من الأصناف التي حددها الله تعالى في كتابه، كما أن للزكاة أنواع عديدة، مثل زكاة الفطر التي أوجب الله تعالى على كل مسلم إخراجها في شهر رمضان المبارك، بما يعادل قيمة صاع واحد من الحبوب التي يعتمد عليها أهل البلد في غذائهم، كما أن هناك زكاة للمال وأخرى للذهب، إذا امتلكهم الإنسان بمقدار معين، ومر على امتلاكهم عام كامل.

 الصدقة 

هي منح الشيء للغير، بغرض التقرب إلى الله تعالى، دون وجوب ذلك، فقد بين أهل العلم أن إعطاء أي شيء عزيز على الإنسان للمحتاجين، وهو يطمع بذلك في التقرب إلى الله تعالى ونيل رضاه فقط، فهو صدقة. 

الهدية

هي ما يمنح للغير بهدف إكرامه والتقرب إليه، والتأكيد على روابط القرب والمحبة، مثل إعطاء شيء مادي لصديق مقرب، بهدف  الإكرام والتعبير له عن مكانته الغالية في قلبك.

الهبة

الهبة هي إعطاء المال أو الممتلكات للغير، دون انتظار أي مقابل منه، أو تعويض عن ما قد وهب إليه.

العطية 

تعني العطية عطاء الشيء للشخص بدون انتظار أي مقابل، والعطية هي حق شرعه الله تعالى للفقراء والمحتاجين من ما رزق به الأغنياء، وللعطية آثاراً إيجابية واضحة على الأفراد والمجتمعات.

الفرق بين زكاة المال وزكاة الفطر

في إطار الإجابة عن هذا السؤال الهام، وهو ما الفرق بين الزكاة والصدقة، اسمحوا لنا الآن أن نتعرف سوياً على الفرق بين زكاة المال وزكاة الفطر:

الفرق في وقت الحكم

من الأقوال المشهورة عند المحدثين أن زكاة الفطر فرضت في شهر رمضان المبارك، تحديداً قبل العيد بيومين، أما زكاة المال فقد فرضت في شهر شوال من السنة الثانية للهجرة النبوية.

الفرق من حيث القيمة المخرجة

يتم تحديد المقدار المفروض إخراجه للزكاة بناءً على نوعها، فزكاة الفطر تقدر بالصاع، وزكاة المال تقدر باثنين ونصف بالمئة.

الفرق من حيث  نوع المال

 فرضت الشريعة الإسلامية إخراج زكاة المال عن أصناف محددة، وهي الفضة والذهب والزروع والثمار، وعروض التجارة، وبهيمة الأنعام مثل الغنم والإبل والأبقار، أما زكاة الفطر فيتم إخراجها عند المذهب الحنفي من أربعة أصناف، وهي الزبيب والشعير والحنطة والتمر، ويمكن دفع قيمتها إذا وجد المزكي في ذلك خير للفقراء، أما عند المذهب المالكي، فيتم إخراج زكاة الفطر من غالب قوت أهل البلد، وهم 9 أصناف، تتمثل في الأرز والزبيب والدخن، والسلت والقمح والشعير والأقط والتمروالذرة، أما الشافعية فيرون أنه يجب إخراجها من غالب قوت أهل البلد، أما الحنابلة فيرون ضرورة إخراج زكاة الفطر من خمسة أصناف وهي الشعير والتمر والقمح والأقط والزبيب، أو ما يقتات به أهل البلد في حالة عدم توفر هذه الأصناف.

الفرق من حيث وقت إخراجها

يتم إخراج زكاة المال عندما يمر عليها الحول أو عام كامل، أما زكاة الفطر فيتم إخراجها خلال شهر رمضان الكريم، وحتى غروب شمس آخر أيام شهر رمضان المبارك.

الفقر والغنى

تفرض زكاة المال على الأغنياء دون الفقراء، أما زكاة الفطر فهي واجبة على كل من يملك قوت يومه.

النصاب 

لا تفرض الزكاة على المال إلا إذا بلغ نصاباً محدداً، وهو ما يعادل قيمة عشرين مثقالاً من الذهب، أما زكاة الفطر فهي فرض على كل من لديه قوت يومه، ولا نصاب لها.

الإخراج عن الغير

لا يمكن إخراج زكاة المال عن فرد آخر، بل يخرجها كل صاحب مال بلغ النصاب عن نفسه، أما زكاة الفطر فيجوز إخراج المسلم لها عن نفسه أو من يعول.

ما الفرق بين الزكاة والصدقة مستشهداً بالآيات والأحاديث

للزكاة والصدقات مكانة عظيمة في ديننا الإسلامي، لذا ورد ذكر كلاً منهما أكثر من مرة، بشكل صريح في القرآن الكريم والسنة النبوية، وقد أظهرت هذه الآيات والأحاديث الفروق الواضحة بينهما، فتابعوا:

1-آيات قرآنية وأحاديث نبوية عن الزكاة

ورد ذكر فريضة الزكاة في القرآن الكريم بشكلٍ صريح 30 مرة، وقد اقترن ذكرها 23 مرة بفريضة الصلاة، التي هي عماد الدين، مما يدل على كون الزكاة ركناً أساسياً في حياة المسلم، وإليك الآيات القرآنية التي ذكرت فيها كلمة الزكاة، والزكاة هي إخراج ما فرضه الله سبحانه وتعالى على عباده من أنواع الزكاة، إلى مستحقيها الذي حددهم الشرع، بغرض التقرب إليه.

  •  الآية رقم 110 من سورة البقرة: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ﴾. وقد قرن الله تعالى الصلاة والزكاة في هذه الآية الكريمة، وأخبرنا بأن أجر كلاهما باقٍ لا يضيع، بل هو عمل صالح صالح وخير كثير ينفع صاحبه في الحياة الآخرة.
  • (لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ) آية رقم  ١٢ من سورة المائدة، وتبين هذه الآية الكريمة أن الالتزام بأداء الزكاة من الأمور التي تكفر عن المسلم جميع سيئاته، وتجعله كمن لا ذنب له.
  • ويأمر الله تعالى في الآية رقم 56 من سورة النور، بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، وطاعة الرسول، حيث يقول الحق تبارك وتعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ). وهنا يقرن الله تعالى الصلاة والزكاة وطاعة رسوله، مما يدل على المكانة العظيمة لفريضة الزكاة في ديننا الإسلامي.
  • لا يُلزم أهل الميت بإخراج الصدقات عنه كما لا يؤثم هو إذا لم يخرجها، فهي ليست مفروضة، أما الزكاة فهي فريضة على صاحب المال ويرديها عنه ورثته إذا توفي قبل إخراجها، وكل من يمتنع عن دفع الزكاة فهو آثم.
  •  والدليل على ذلك ما قد ورد في الحديث النبوي الشريف، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما من صاحب كنز لا يؤدي زكاته إلا أحمي عليه في نار جهنم فيجعل صفائح فيكوى بها جنباه وجبينه حتى يحكم الله بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار).

2-آيات قرآنية كريمة وأحاديث نبوية شريفة عن الصدقة 

  •  وقد حثّ الله تعالى في كتابه العزيز على أن يكون إخراج الصدقات في الخفاء فذلك أقرب إلى الإخلاص من الصدقات المُعلنة، وجاء ذلك في قوله عزّ وجلّ: {إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِىَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتؤْتُوهَا الفُقَرَاءِ فَهُوَ خَيرٌ لَّكُمْ} وتبين هذه الآية الكريمة أن الإنسان لحظة موته يتمنى لو كان في حياته الدنيا من المتصدقين.
  • وقد ذكرت الصدقات أيضاً في الآية رقم 18 من سورة الحديد:  {إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيم}، وهنا قد خص الله تعالى عباده المتصدقين بمضاعفة أجورهم، فللمتصدقين مكانة كبيرة عند الله تعالى.
  • ويبين الله تعالى في سورة سبأ أن الصدقات سبباً مباشراً في زيادة الرزق وطرح البركة فيه، وذلك في قوله تعالى: {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}.
  • وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقًا خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكًا تلفًا».

هل الصدقة واجبة أم سنة

بعد أن عرفنا أعزائي ما الفرق بين الزكاة والصدقة، اسمحوا لنا الآن أن نجيب على هذا السؤال الذي يراود الكثير من الأذهان، وهو هل الصدقة واجبة أم سنة، فقد أجمع الفقهاء على أن الصدقة ليست واجبة إلا في حالتين وهما:

  • النذر، فإذا نذر المرء بإخراج صدقة أصبحت نذراَ ويلزمه الوفاء به
  •  إذا كان المقصود بها الزكاة المفروضة على المسلمين، كزكاة الفطر وزكاة المال.

من هم مستحقين الصدقة

قد بين الله تعالى في كتابه العزيز مستحقي الصدقات وقد حصرهم في ثمانية أصناف، حيث قال تعالى في الآية رقم 60 من سورة التوبة: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُووبُهُمْ وَفِي الرِّقَاب وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ]، وسوف نقوم بإيضاح كل صنف من هذه الأصناف باختصار، فتابعوا:

1-الفقراء والمساكين

وهم غير القادرين على تلبية احتياجاتهم الأساسية من طعام وشراب ومسكن.

2-العاملون عليها

وهم العاملون على جمع الزكاة والصدقات من المزكين والأغنياء، ثم إيصالها لمستحقيها.

3-المؤلفة قلوبهم

وهم الذين نمنحهم من أموال الزكاة والصدقات، بهدف تأليف قلوبهم إلى اعتناق الإسلام.

4-في الرقاب

ويشتمل هذا الصنف على ثلاثة أوجه، وهم:

  • الأسرى من المسلمين.
  • عتق رقبة عبد مسلم.
  • المكاتبون المسلمون.

5-الغارمون

وهم العاجزون عن سداد ما عليهم ديون، فيجوز إنفاق أموال الصدقات في سداد ما عليهم من ديون.

6-في سبيل الله 

ويقصد بها إنفاق أموال الزكاة في خدمة الجهاد، وأيضاَ منح الصدقات  للغزاة والمحاربين المتطوعين، والإنفاق في كل ما يصب في مصلحة الحرب.

7-ابن السبيل

ويقصد به الشخص المسافر الذي انقطعت به السبل، ولا يمتلك مالاً يوصله إلى بلده، فيحق له من أموال الصدقات ما يمكنه من الرجوع على بلده.

وبهذا نكون قد بينا لكم مصارف الصدقات للزكاة الواجبة، أما في حالة صدقة التطوع، فيحق للمسلم إخراجها كيفما يشاء، ويفضل هنا التصدق أولاً على الأقربون، تبعاً للأشد احتياج، وذلك لما ورد عن سلمان بن عامر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: 

الصدقَة على المسكين صَدَقَة، وهي على ذي الرَّحِمِ ثنتان: صَدَقَةٌ وصِلَةٌ”.

وهنا نكون قد وصلنا أعزائي إلى ختام هذا المقال، بعد أن عرفنا سوياً ما الفرق بين الزكاة والصدقة، وبالطبع قد عرضنا لكم الكثير من الأمور المتعلقة بالصدقات والزكاة، وأجبنا على الكثير من التساؤلات التي تدور في أذهان الكثيرين حول هذا الأمر، فقد عرفنا من هم مستحقين الصدقة، والفرق بين الزكاة والصدقة كما بين القرآن الكريم، ووضحت السنة النبوية، وغيرها الكثير من التساؤلات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى