السيرة النبوية

المرحله المدنية 22 نصر مؤته الحلقة – 36

نصر مؤته :

فى جمادى الاولى للسنة الثامنة من الهجرة جهز رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشا من ثلاثة آلاف مقاتل لمواجهة الروم وأمر على هذا الجيش ثلاثة من كبار الصحابة تحرك الجيش الاسلامي حتى وصل ارض الشام بينما تجهز لهم هرقل بجيش عرمرم من مائتان الف مقاتل وهناك في مؤتة التقى الجيشان وبدأ قتال مرير بين قلة مؤمنة وكثرة كافرة وصمد المسلمون حتى استشهد قادة الجيش الثلاثة وولي القيادة سيف الله خالد ابن الوليد فادار المعركة والقى الرعب في قلوب الروم وانسحاب المسلمون آمنين.

قيادة خالد بن الوليد:

أستلم الراية في مؤتة خالد رضي الله عنه بعد ان قتل قبله ثلاثة من قادة جيش المسلمين أستمر خالد مع جيشه في قتال عنيف حتى حل عليهم الليل ثم قيم الموقف فرأى ان المعطيات صعبة جدا ثلاثة الاف مسلم يواجهون مائتان الف والقتال في ارض العدو وبعيدآ عن المدينة لم يرى الامير خالد انه يمتلك خيارين فقط نصر مؤته او هزيمة بل دعى مجموعة من الخيارات المحتملة واختار افضل ما يمكن العمل عليه وهو الانسحاب الآمن.

خطة خالد بن الوليد :

ان ينجو بالمسلمين من هذه المعركة بدون اية خسائر فقام بوضع خطة عسكرية عبقرية معقدة فقام بتبديل ميمنة الجيش مع ميسرته ومقدمتها مع مؤخرته كما قام ايضا بتبديل الرايات افاق جيش الروم في صباح اليوم التالي ليجد امامه جيشا جديدا فدب الرعب في قلوبهم وبدأ المسلمون بتقدم ثم امر خالد مجموعة من الفرسان كانت متوجدة وراء جيشه ان تتحرك على احدى التلال لتثير غبار كثيفا فظن الروم ان يوجد مدد جديد اخر قد وصل للمسلمين فزاد تقدم المسلمين عليهم وفي ذروة تقدمهم اتاهم امر خالد بالانسحاب وكان ذلك لم يلحق الروم بجيش المسلمين لانهم ظنوا ان هنالك كمينا ونجحت خطة خالد بانسحاب تاريخيا فريد بدون اية خسائر.

ذكاء خالد بن الوليد :

لا تزال استراتيجية خالدة في نصر مؤته وانسحابة الامن الذي قام به يدرس الى الآن كمثال على العبقرية الاستراتيجية كيف استطاع خالد ان يقنع جيشا من الصحابة بالنسحاب كيف استطاع ان يخدع جيش الامبراطورية الرومانية العظيمة كيف استطاع ان ينسحب جهارا نهارا امام عدوه بدون اية خسائر اطلاقا كل هذا لا شك محط اثارة واعجاب لكن الامر المهمة ايضا والذي لا يلتفت اليه كثيرا هو كيف استطاع جيش خالد ان ينفذ خطته المعقدة هذه الدقة والاثقان يكفيك فقط ان تتخيل كيف كان الجيشان مشتبكان ثم في لحظة واحدة ادار جميع المسلمين ظهورهم للروم وبدأوا بالانسحاب والروم كانوا يتفرجون عليهم ولا يلاحقونهم مشهد عجيب اعلم ان عبقرية خالد لم تكن تجدي شيئا ابدا لو لم يكن جيشه لو لم يكن جيشه يتمثل قيما تساعد على تطبيق هذه الخطة قيمة السمع والطاعة للقائد قيمة الانضباط الشديد قيمة اتقان العمل تأكد من هذا كل استراتيجية في الدنيا تحتاج الى منظومة قيم داعمة لها ولن تنفع اية استراتيجية واية عبقري قيادية مهما بلغت ما لم يتحلى ابناء المنظمة بالقيم المطلوبة لتنفيذ الاستراتيجية رغم الأهمية العظيمة للاستراتيجية الا أن القيم سابقة لها بل واهم محدد لخياراتها ولفهم موضوع قيم الجماعة او المجتمع واهميتها اكثر يمكننا ان نشبهها بعادات الفرد فعادات الفرد هي المحدد الأهم لنجاحه والفرد اما ان يشكل عاداته بشكل مقصود فيختار منها ما يعينه على النجاح او ان تشكلت القائمة مع استمرار الظروف المفروضة عليه وكذلك الحال تماما في قيم الجماعة والمجتمع لو انطلقنا الآن من هذا التشبيه وقلنا ان اكثر طرق تغيير عادات الفرد هي طريقة العادة المحورية وملخصها ان الانسان بدل ان يشتت طاقته وتركيزه في تغيير كل عاداته جملة واحدة و فيتعب ويرهق يمكنه ان يختار عادة واحدة فقط لكنها محورية يقوم بتغييرها فيتغير معها كل شيء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى