مقالات متنوعة

الفرق بين الجدال والنقاش والحوار

المقدمة:

لا يخفى على أحد، أن ليس كل مثقف يجيد الحوار، أو النقاش عندما يتواصل مع غيره. ومن المعلوم أن طريقة النقاش تعبر عن عقلية الشخص، وما تحويه من أفكار، كما أنها تظهر لباقته. هذا، ويعتبر النقاش الهادئ أنفع ما يكون؛ لأنه يتعين به الوصول إلي الهدف، أما الأسلوب الصارم الذي ليس منه هدف إلا الفوز على الخصم فهو لا ينتج عنه أي منفعة، فضلاً عن أنه يورث الأحقاد والضغينة في نفوس كلا من الطرفين لبعضهما.
ولما كان النقاش أو الحوار وسيلة من وسائل عرض الأفكار كان لا بد من معرفة سمات هذه الوسائل، وأيها أفضل عند عرض الأفكار.

مفهوم الجدال

الجدالُ هو تبادل الآراء بين شخصين على سبيل المنازعة والمغالبة بشكل فيه حدة وهجوم من طرف على طرف آخر ولا يكون الهدف من الجدال إظهار الحقيقة، ولكن إظهار شخص على آخر.
يتضح لنا من خلال هذا التعريف أن الجدال ما هو إلا صراع فكري يحاول من خلاله المجادل أن يثبت أن صحة فكرته بحجة، أو بدون حجة. وبالطبع لا توجد فوائد مرجوة من هذا الجدال كما أنه يحدث في إطار التخاصم. هذا، ويعد الجدل آفة؛ حيث يعمل على نفور الصديق، كما أنه يولد الحقد، والضغينة. بالإضافة إلى ذلك لا يكون المجادل متميز اجتماعياً؛ نتيجة كثرة جداله مع من حوله.
بالإضافة إلي ذلك لم يرد في القرآن الكريم، أو السنة النبوية نصوص تمدح الجدال على الإطلاق، كما أنه قد جاء مرتبطًا بلفظ الحسنى في موضعين، أما في السنة النبوية فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم “أنا زعيم ببيت في ربَض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقًّا”
حديث صحيح

يتبين لنا من خلال هذا الحديث أن النبي حث على ترك الجدال حتى ولو كان صاحبه على حق؛ لأنه لا يوصل إلي نتيجة؛ لأن المجادل يريد ممن يتحدث معه أن يأخذ برأيه دون أن ينتفع هذا الشخص بالجدال.

مفهوم النقاش

فهو عبارة عن حوار شيق بأسلوب عفوي يدور بين شخصين أو أكثر يتحدثون في موضوعٍ ما وفق الالتزام بقواعد الأدب، بغض النظر عن اختلاف وجهات النظر أو اتفاقها في هذا الموضوع، ويكون الهدف من هذا النقاش هو محاولة الوصول إلي الحقيقة.هذا، وتوجد فوائد للنقاش، أبرزها اكتساب المعارف، إيجاد حلول للمشاكل بالإضافة إلى مشاركة الأفكار، والمعارف.

يتضح لنا من هذا التعريف أن النقاش عبارة عن تواصل أو تفاعل بين شخصين بشكل عفوي يعتمد على الاحترام والالتزام بعدة قواعد أدبية وهي
1- حسن الإنصات للطرف الآخر أثناء حديثه
2- انتقاد رأي الغير لا بد أن يعتمد على حجج، فلا يكون مجرد نقد، أو اكتساب شهرة.
3- كذلك من آداب النقاش عدم التعدي على أفراد المشتركين بالمناقشة، بالإضافة إلى عدم التعدي على أي منظمة أو مؤسسة.
4- عدم التعصب لأي مذاهب، أو أفكار، أو مؤسسات.

مفهوم الحوار

فهو شكل من أشكال تبادل الكلام شفهياً بين شخصين أو أكثر، فهو مثل المحادثة وهي مهارة ضرورية لتجاوز أمور حياتنا فمن خلاله يمكن تنمية العلاقات الاجتماعية، وبالتالي يسهل البدء في الأعمال المختلفة ومن ثم تحصل نهضة المجتمع ؛ لأنه يتم به التواصل مع الأصدقاء، والخبراء والشركات.

هذا، وللحوار قواعد أدبية يجب الالتزام بها
1- على جميع الأطراف المشاركين في الحوار أن ينصتوا لبعضهم البعض أثناء عملية الحوار.
2- كذلك يجب على جميع الأطراف التي تشترك في الحوار تجنب التسرع ويحدث ذلك من خلال التأني، والحلم، وضبط النفس أثناء الحوار.
3- على جميع الأطراف المشاركة في الحوار أن تتجنب التعصب لآراء، أو أطراف، بل يجب أن يتسم الحوار بالمرونة والسلاسة.
4- كذلك من آداب الحوار الاعتدال في الحوار، وعدم رفع الصوت ؛ حتى تتحكم في الغضب قدر المستطاع، وبالتالي تستطيع كل ما تجنب كل ما يؤدي إليه.
5- يجب أن يحرص جميع أطراف الحوار على الوصول إلى الحقيقة، والابتعاد عن إخفاء الحق، كما يجب عليهم الالتزام بالألفاظ الحسنة الملائمة للحوار والابتعاد عن كافة الألفاظ البذيئة التي لا تناسب آداب الحوار ؛ حتى يمكن تحقيق الهدف من الحوار وهو الوصول إلى الحقيقة.

الفروق بين كلٍ من الجدل والنقاش والحوار

1- سمات الجدال

في حالة ذكر ما يخالف الطرف المقابل في النقاش بشكل مباشر فهذا يسمى جدال. وفي هذه الحالة تجد أن صوت أحد الطرفين ارتفع، بل ومقاطعة الطرف الآخر أثناء التحدث، بالإضافة إلى زيادة سرعة الحديث بدلاً من الاعتدال فيه والتنقيب عن نقطة الاتفاق لكلا من الطرفين، فهذا أيضاً يسمى جدال وليس نقاش.

2- سمات النقاش

في حالة إذ كان هناك ترحيب في الحديث من كلا الطرفين في جميع جلسات النقاش حتى وإن كان موضوع النقاش مثير، ومعقد للغاية وكان المناقش يتحدث باعتدال، ويصمت أثناء الحديث؛ حتى يترك لغيره المجال للتعبير عن رأيه، وإذا أراد أن يعترض فإنه يعترض بأدب دون مهاجمة، أو جرح أحد المشاركين في المناقشة، بل انه يبحث عن النقاط التي يتفق عليها جميع الأطراف؛ حتى يتمكن من بناء الثقة بداخلهم تجاهه، وبذلك يصبح من السهل مناقشة كل نقاط الاختلاف بشكل موضوعي، فهذا يسمى نقاش وليس جدالاً، أو حوارًا.

3- سمات الحوار

أما عن سمات الحوار فهو يتميز بتقبل رأي من جميع الأطراف المشتركة فيه مهما كان هناك أي اختلاف في الموضوع، كما أن الحوار يتسم بتقريب وجهات النظر بين المتحاورين؛ بهدف الوصول إلي الحقيقة، وليس الهدف منه التعصب لرأي ما، أو نصرته على الآخرين سواء ببرهان، أو بغير برهان. هذا، ومن أهم ما يميز الحوار التحلي بالصبر، وسعة الصدر عند المناقشة، واحترام جميع الأطراف المشاركة، ومنحهم فرصة التعبير عن آرائهم، وعرض أفكارهم والاستماع لكل طرف دون مقاطعة حديثه، ففي حالة 

نقاط الاتفاق والاختلاف بين الجدال والحوار

يتفق كلا من الجدال والحوار في أنهما مناقشة تدور بين طرفين.
يختلف كلا من الجدال والحوار في أن الجدل ينتج عن تعصب لرأي، ولا يكون منه جدوى، كما أن صاحبه يكون في خصومة شديدة؛ حيث أن حديثه يدور داخل إطار اتخاصم، أما الحوار فهو يختلف عن الجدال في أن جميع الأطراف المشاركة فيه تحاول مراجعة الحديث الذي يدور بينها؛ للوصول إلى الحقيقة في الموضوع الذي يتم مناقشته.

في نهاية المقال، نذكر أن هناك الكثير من الأشخاص التي لا تتمكن من ضبط النفس أثناء الحوار، وذلك يكون تبعاً لسعة حجم أفقهم، كما أن البشر متفاوتون في ضبط أعصابهم، وقدرتهم على التحكم فيها عند الدخول في محاورة، أو مناقشة؛ لذلك قدمنا لك مفهوم كلا الجدال والنقاش والحوار؛ حتى تتضح عندك الرؤية، كما قدمنا سمات جميعهم، ونقاط الأتفاق والاختلاف بين الجدال والحوار؛ حتى تكتمل عندك الصورة بشكل أكبر، وتتمكن من عرض أفكارك على الآخرين بكل سلاسة وهدوء. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى