ماذا أفعل ؟

ماذا أفعل في الصلوات التي فاتتني على مدار حياتي؟

الصلاة هي التي تستقيم بها أمورنا وحياتنا، فأداؤها فيه الامتثال لفريضة الله عز وجل، طائعين ساجدين له، وفيه
من معاني الهرولة إليه سبحانه وتعالى ما لا يعد ولا يحصى حيث يترك الجميع الدنيا بهمومها ومشاغلها خلف أيدينا.

 ومن ثم نحثهم على التوبة وإرشادهم بما يتوجب عليهم فعله تجاه تلك الصلوات التي فاتتهم قبل توبتهم، وذلك هو
ما سنعرضه من خلال مقالنا هذا.

الصلاة صلة بين العبد وربه وبين اثرها في سلوك المسلم

  • يعد ذلك أجمل وأدق تعبيرٍ يصف أهمية الصلاة في حياتنا وفي ديننا الإسلامي، وكيف لا وهي التي تصل المخلوق
    بخالقه، وهي الشعرة التي تفصل المرء عن الكفر، قال صلى الله عليه وسلم: ” بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك

    الصلاة”.
  •  نبدأ برفع أيدينا ونقول: الله أكبر، ثم نشرع في قراءة فاتحة الكتاب وما تشمله من طلب العون من الله سبحانه
    وتعالى ثم الهداية إلى الصراط المستقيم، ثم الركوع خضوعًا والسجود تذللا ودعاءً.
  •  هكذا تكون الصلاة هي روح المسلمين وصلة دائمة بينهم وبين المولى عز وجل. 
  • ورغم معرفة الجميع بأهمية الصلاة وفرضيتها، إلا أنه لا زال هناك الكثير من المسلمين شبابًا كانوا أو شيوخًا،
    يتهاونون في أداء الصلوات المفروضات، سواءً كان ذلك كسلًا منهم، أو انغماسًا في أمور الحياة الدنيا التي تجر

    الجميع إلى أذيال الانشغال باللعب واللهو وزينة الحياة الدنيا وهجر العبادات حتى المفروضة منها.
  •  وذلك أخطر ما يكون على المسلم بشكلٍ فرديّ وعلى الأمة الإسلامية بشكلٍ أعم، فالتهاون في أداء الفروض مثل
    الصلاة يجب أن نقف عنده مرارًا، لنحذر المتهاونين ونوضح لهم عقوبة تهاونهم وتكاسلهم.

عقوبة تارك الصلاة

  1. الصلاة هي العبادة الوحيدة التي فرضها الله تعالى في السماء السابعة، وقد قال عنها صلى الله عليه وسلم: ” أول
    ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة من عمله صلاته: وليس ذلك فحسب، بل كانت الصلوات من آخر وصايا نبينا صلى

    الله عليه وسلم حيث قال قبل وفاته: ” الصلاة الصلاة، وما ملكت أيمانكم” وقال أيضًا عليه أفضل الصلاة وأتم

    التسليم: ” أس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله” 
    ولم يكن ذكر الصلاة وفرضيتها
    في السنة النبوية فقط، بل أكثر الله تبارك وتعالى من ذكرها في كتابه فقال: ” وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ..” وغيرها في الكثير

    من السور والآيات في كتابه الكريم. 
  2. فأما من ترك الصلاة جحودًا بها غير معترفٍ بوجوبها فقد كفر وعلى ذلك أجمع علماء الأمة، وذلك لأن الصلاة فرض معلوم من الدين بالضرورة ولا يمكن أن كون هناك من هو جاحد بالصلاة غير معترفٍ بها وفي قلبه مثقال ذرةٍ من
    إيمان، لأنه بذلك يكذب الله ورسوله، وفي ذلك نذكر قول الله تعالى: ” وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ

    بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ”
  3. وأما من ترك الصلاة تكاسلًا وانشغالًا بالدنيا وتهاونًا بهذا الفرض العظيم، وهو للأسف ما عليه الكثير من أفراد الأمة
    حاليًا، فقد اختلف فيه العلماء، ما بين الكفر والفسق، وما بين استحقاقه للقتل أو التعزير فقط. 
  4. وبشكلٍ عام فإن هناك الكثير من العقوبات التي تلحق أولئك الذين يتهاونون في هذا الفرض العظيم منها سوء
    الخاتمة والمعيشة الضنك قال تعالى: ” وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى”
  5. وترك الصلاة يعد من أكبر الكبائر، وقد قال بن حزم في ذلك ” مُؤخِّر الصلاة عن وقتها صاحِبُ كبيرة، وتاركُها بالكلية
    -أعني الصلاة الواحدة- كمَنْ زنى وسرق؛ لأنَّ تَرْكَ كلِّ صلاةٍ أو تفويتَها كبيرةٌ، فإنْ فَعَل ذلك مراتٍ؛ فهو من أهل

    الكبائر إلاَّ أنْ يتوب، فإنْ لازَمَ تركَ الصلاة؛ فهو من الأخسرين الأشقياء المجرمين“
  6. كذلك يعد ترك الصلاة والتثاقل في أدائها علامة يعرف بها المنافقين – نعوذ بالله أن نكون منهم- فقد قال الله تعالى في كتابه” إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاَةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً”
  7. ويعد التهاون في هذه الفريضة إحدى أسباب انغماس الفرد في الشهوات واقتراف الكثير من الخطايا دون توقف، وفي ذلك قال الله تعالى: “فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاَةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا”

تعويض الفائت

  1. وأما عن كيفية قضاء تلك الصلوات الفائتة التي تركها المرء خلال فترةٍ طويلة من حياته، فهي أن يقضي منها كل يومٍ جزءًا أو مع كل صلاةٍ مفروضةٍ حاضرة أخرى فائتة، ومثال ذلك مثلًا أن يصلي الظهر حين يحين وقته، ثم يصليه مرةً أخرى أو أكثر بنية قضاء ما فاته من الصلوات. 
  2. ويمكن له أيضًا أن يخصص وقتًا من الأوقات التي لا تكره فيها الصلاة يصلي فيها بعضًا من الفرائض بنية قضاء ما افته، وهكذا إلى أن يغلب عليه الظن أنه قد قضى كل ما فاته من صلواتٍ في فترات عمره التي كان قد انقطع فيها عن الصلاة. 
  3. وأما إذا توفي شخصٌ أثناء قضائه تلك الصوات الفائتة ولم يكن قد أكملها بعض، فهو بإذن الله تعالى مغفورًا له، ويكأنه قضى جميعها، ما دام قد نوى وعزم وصلح في توبته تلك، واستقام أمره وثباته على أداء الصلوات المفروضات. 

جدول لتسجيل قضاء الصلاة الفائتة لمدة سنة

يمكن لهذا الجدول أن يساعدك على قضاء ما فاتك من صلوات عامٍ فائت، وهو مستندًا على الطرق السابق ذكرها لقضاء ما فاتك من صلواتٍ في سنواتك الفائتة، وذلك عن طريق تلك الخطوات: 

  1.  احسب عدد الأسابيع بالعام، وخصص جدولًا لكل أسبوع، ثم قم بتعليقه في مكانٍ يقع ناظرك عليه كثيرًا. 
  2. قسم الأسبوع إلى أيام والأيام إلى صلواتٍ خمس. 
  3.  قم باختيار أنسب طريقة لك مما ذكر لتقضي بها الصلوات الفائتة عليك، سواءً كان بصلاة كل فرضٍ مرتين، مرة بنية الحاضرة ومرّةً بنية قضاء الفائتة، أو بتخصيص وقت لا تكره فيه الصلاة وقضاء بعض مما فاتك فيه. 
  4.  التزم بقضاء خمس صلواتٍ في اليوم بأي الطريقتين التي اخترتها، وقم بوضع علامة أمام كل صلاةٍ قضيتها في جدولك، حتى تعرف ما قضيته وما تبقى لك.

وبذلك تكون قد أديت في عامٍ واحد جميع الصلوات الحاضرة بجانب قضاء صلواتِ عامٍ فائت. 

صلاة الكفارة لتعويض الصلوات التي فاتتك في حياتك

  • يتساءل الكثيرون عن حكم صلاة تدعى “الكفارة” أو الفوت، التي تكفر عن صلواتك الفائتة في حياتك، والتي يستدل البعض عليها بحديث: “من فاتته صلاة في عمره ولم يحصها فليقم في آخر جمعة من رمضان ويصلي أربع ركعات بتشهد واحد، يقرأ في الركعة الواحدة الفاتحة وسورة القدر عدد خمسة عشر مرة، وكذلك سورة الكوثر مثلها، ويقول في النية: نويت أن أصلي أربع ركعات كفارة لما فاتني من الصلاة”
  • وهذا الحديث لا أصل له، بل هو حديث مكذوب عن الحبيب صلى الله عليه وسلم، وموضوع.
  • وعلى الإنسان إن أراد أن يقضي الصلوات التي فاتته من عمره أن يتبع إحدى الطرق التي ذكرناها، أما عن هذه الصلاة فهي غير صحيحة، ولا تقوم بالتكفير عن تكاسلك فيما فاتك من صلوات. 

ونهايةً، نذكركم جميعًا أن الصلاة ليست بالشيء الذي يُتهاون فيه، فهي عماد الدنيا والدين، وهي التي تستقيم بها الحياة والروح، ويكفي المرء كما ذكرنا في بداية حديثنا أنها صلةً له بينه وبين خالقه، فما أجملها من فريضةٍ، وما أجلها من صلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى