القرآن الكريم

كيف افهم القرأن

القرآن الكريم:

كيف افهم القرأن الكريم

أنزل الله -تعالى- القرآن الكريم على النبيّ محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- ليكون كتاب هدايةٍ وإرشادٍ، وليقرأ النّاس سُوره ويتلون آياته، ويتدبّرون معاني كلماته، فيتحقّق لهم فوائد جمّة ومغانم كثيرة؛ منها: معرفة الأحكام الشّرعيّة، وأخذ العِبر من قصص السّابقين، والتّخلّق بالأخلاق والآداب التي شمِلتها آياته، ولأجل ذلك كلِّه كان لِزاماً على كلّ مسلم أن يتلو القرآن الكريم، ويتدبّر معانيه، ويعي مضامينه، حتى يُفْهم القرآن الكريم، وقد جاء الأمر من الله -تعالى- بتدبّر القرآن الكريم في مواطن كثيرةٍ، ومن ذلك قول الله تعالى: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا)، وقوله أيضاً: (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ)، وفي هذه المقالة توضيح للأمور التي تُعين على فَهْم القرآن الكريم، وبيان ثمرات وفوائد فَهْم القرآن الكريم.

لماذا الحديث عن فهم القرآن الكريم:

كيف افهم القرأن الكريم

أولاً: الحديث عن فهم القرآن هو أهم حديث ينبغي الحرص عليه لعدد من الأمور: القرآن هو أصل الأصول كلها، وقاعدة أساسات الدين، وبه صلاح أمور الدين والدنيا والآخرة، وهو إنما نزل ليعمل به، ولا يمكن أن يعمل الإنسان بشيء لا يفهمه، ومثَلُ من يقرأ القرآن ولا يفهمه، كمثل قوم جاءهم كتاب من ملكهم يأمرهم فيه وينهاهم، ويدلهم على ما ينفعهم، ويحذرهم مغبة سلوك طريق معين لأن عدوهم فيه يتربص بهم، فعظموا الكتاب ورفعوه فوق رؤوسهم، وصاروا يتغنون بقراءة ما فيه، لكنهم سلكوا الطريق الذي نهاهم عنه فخرج عليهم العدو فقتلهم.

ثانيًا: عدم فهم القرآن معناه زوال العلم وارتفاعه، فعن أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَشَخَصَ بِبَصَرِهِ إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ قَالَ: ((هَذَا أَوَانُ يُخْتَلَسُ الْعِلْمُ مِنْ النَّاسِ، حَتَّى لَا يَقْدِرُوا مِنْهُ عَلَى شَيْءٍ)) فَقَالَ زِيَادُ بْنُ لَبِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ: كَيْفَ يُخْتَلَسُ مِنَّا وَقَدْ قَرَأْنَا الْقُرْآنَ؟! فَوَاللَّهِ لَنَقْرَأَنَّهُ وَلَنُقْرِئَنَّهُ نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا، فَقَالَ: ((ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا زِيَادُ، إِنْ كُنْتُ لَأَعُدُّكَ مِنْ فُقَهَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، هَذِهِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ عِنْدَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فَمَاذَا تُغْنِي عَنْهُمْ؟!)) قَالَ جُبَيْرٌ: فَلَقِيتُ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ، قُلْتُ: أَلَا تَسْمَعُ إِلَى مَا يَقُولُ أَخُوكَ أَبُو الدَّرْدَاءِ؟! فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ، قَالَ: صَدَقَ أَبُو الدَّرْدَاءِ، إِنْ شِئْتَ لَأُحَدِّثَنَّكَ بِأَوَّلِ عِلْمٍ يُرْفَعُ مِنْ النَّاسِ؛ الْخُشُوعُ، يُوشِكُ أَنْ تَدْخُلَ مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ فَلَا تَرَى فِيهِ رَجُلًا خَاشِعً.

ثالثًا: الأجر العظيم والثواب الجزيل في فهم القرآن وتدبره، فعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ فِي الصُّفَّةِ فَقَالَ: ((أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يَغْدُوَ إِلَى بُطْحَانَ أَوْ الْعَقِيقِ، فَيَأْخُذَ نَاقَتَيْنِ كَوْمَاوَيْنِ زَهْرَاوَيْنِ بِغَيْرِ إِثْمٍ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا قَطْعِ رَحِمٍ؟)) قَالُوا: كُلُّنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: ((فَلَأَنْ يَغْدُوَ أَحَدُكُمْ كُلَّ يَوْمٍ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَيَتَعَلَّمَ آيَتَيْنِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ خَيْرٌ لَهُ مِنْ نَاقَتَيْنِ، وَإِنْ ثَلَاثٌ فَثَلَاثٌ مِثْلُ أَعْدَادِهِنَّ مِنْ الْإِبِلِ)).

فضل تلاوة القرآن الكريم:

إنّ في تلاوة القرآن الكريم وتدبّره شفاءً للجسم والنّفس، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ). وغير ذلك الكثير من الفضائل التي يحوزها من يداوم على قراءة القرآن الكريم وتلاوته تلاوةً متأنّيةً بفهمٍ وتدبُّرٍ، وقد رسم النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- صورةً رائعةً تبيّن الفارق بين المسلم الذي يقرأ القرآن ويحرص عليه، وبين المسلم الذي لا يقرأ القرآن ولا يجعل لتلاوته جزءاً من وقته، وذلك في الحديث الشّريف الذي يرويه أبو موسى الأشعري رضي الله عنه؛ حيث قال: (مثَلُ المؤمِنِ الَّذي يَقرَأُ القرآنَ كمَثَلِ الأُترُجَّةِ؛ رِيحُها طيِّبٌ وطَعمُها طيِّبٌ، ومثَلُ المؤمِنِ الذي لا يَقرَأُ القرآنَ كمَثَلِ التَّمرَةِ؛ لا رِيحَ لها وطَعمُها حُلوٌ، ومثَلُ المنافِقِ الذي يَقرَأُ القرآنَ مثَلُ الرَّيحانَةِ؛ رِيحُها طيِّبٌ وطَعمُها مُرٌّ، ومثَلُ المنافِقِ الذي لا يَقرَأُ القرآنَ كمَثَلِ الحَنظَلَةِ، ليس لها رِيحٌ وطعْمُها مُرٌّ).

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى